إن الحفاظ على استقلال وسيادة دول جنوب القفقاس، وترسيخ الاستقرار السياسي
والاقتصادي في المنطقة، ودعم التعاون الإقليمي وتكامل دول المنطقة مع المؤسسات
الأوروأطلسية، يشكل العناصر الرئيسية للسياسة التركية حيال جنوب القفقاس.
وتعتبر منطقة جنوب القفقاس التي توجد بينها وبين تركيا روابط تاريخية وثقافية،
بمثابة جسر يربط تركيا بآسيا الوسطى.
وكانت تركيا من أوائل الدول التي اعترفت باستقلال كل من أذربيجان وأرمينيا
وجورجيا عقب تفكك الاتحاد السوفياتي. وأقامت تركيا فيما بعد علاقات متطورة مع
أذربيجان وجورجيا. ولكن لم يتحقق نفس الزخم على صعيد العلاقات مع أرمينيا بسبب
الصراع القائم حول ناغورني كاراباغ والموقف السلبي الذي تتبناه أرمينيا حيال
تركيا. حتى أن الحدود القائمة فيما بين البلدين أغلقت في عام 1993 بعدما احتلت
أرمينيا منطقة كالباجار الأذرية.
إن العلاقات القائمة بين تركيا من جهة وأذربيجان وجورجيا من جهة أخرى، حققت
تقدماً سريعاً في غضون السنوات الخمسة والعشرين التي مرت على استقلال هذين
البلدين حتى وصلت إلى مستوياتها الحالية. والزيارات المتبادلة المكثفة التي
تجري بين تركيا وهذين البلدين هي إحدى النتائج التي تمخضت عن إقامة علاقات
وثيقة بين هذه البلدان. حيث أقيم مجلس تعاون استراتيجي رفيع المستوى مع
أذربيجان وجورجيا، الأول على مستوى رئيس الجمهورية والثاني على مستوى رئيس
الوزراء.
كما يتم إيلاء الأهمية اللازمة لتطوير مشاريع التعاون الإقليمي والمشاريع
التنموية أيضاً، بغية إقامة منطقة مزدهرة مشتركة في جنوب القفقاس. وفي هذا
الإطار، تم إنشاء خط أنابيب النفط بين باكو وتفليس وجيهان، وخط أنابيب الغاز
الطبيعي بين باكو وتفليس وأرزوروم. ومازالت الأعمال جارية لمد خط أنابيب الغاز
الطبيعي عبر الأناضول (TANAP)، حيث من المقرر أن يدخل هذا المشروع الخدمة في
منتصف عام 2018. وقد تم افتتاح الخط الحديدي بين باكو وتفليس وكارس خلال مراسم
افتتاح أقيمت في باكو بتاريخ 30 تشرين الأول/أكتوبر 2017. ومع افتتاح هذا الخط
الحديدي بين باكو وتفليس وكارس يكون الخط الحديدي الواصل بين لندن والصين قد
اكتمل.
وقد أكسبت الآليات القوية التي أقامتها تركيا مع أذربيجان، التعاون الإقليمي
إطاراً سياسياً. وتم رفع الآلية الثلاثية بين تركيا وأذربيجان وجورجيا والآلية
الثلاثية بين تركيا وأذربيجان وتركمانستان إلى مستوى رئيس الجمهورية، وتوسعتا
لتشملا المجالات الأخرى.
وتدافع تركيا عن حل النزاعات القائمة في المنطقة (ناغورني كاراباغ وأبخازيا
وأوسيتيا الجنوبية) عبر الطرق السلمية، في إطار الحفاظ على سيادة كل من
أذربيجان وجورجيا ووحدة أراضيهما، وذلك من أجل التمكن من إرساء السلام
والاستقرار الدائمين في جنوب القفقاس.
وفي هذا السياق، مازلنا نحتفظ بموقفنا فيما يتعلق بتطبيع العلاقات مع أرمينيا.
ولكن تم إجهاض هذا المسار نتيجة قيام أرمينيا بتعليق اتفاقيات زيورخ في بادئ
الأمر، ومن ثم سحبها من البرلمان في شهر شباط/فبراير 2015. ومازالت هذه
الاتفاقيات مدرجة على جدول أعمال مجلس الأمة التركي الكبير.